ويسلم
من هذا الوعيد الشديد، لا يقدُم على الخصومة إلا إذا كان محقًّا صادقًا.
ولا
يكذب، ولا يزور في الشهادات، الشهود الذين يشهدون عند القاضي
وهم شهود زور يتحملون أيضًا إثمهم، قال صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ
أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» ثَلاَثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ
اللَّهِ، قَالَ: «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ - وَجَلَسَ
وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ -: أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ». قَالَ: فَمَا
زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ ([1]).
فأصاب الرسول صلى الله عليه وسلم من التشديد على هذا الأمر، كان متكئًا فجلس،
فقال: «أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ»، يعني: مِنْ أكبر الكبائر، «أَلاَ
وَشَهَادَةُ الزُّورِ»، وكررها: «أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، أَلاَ
وَشَهَادَةُ الزُّورِ. أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، أَلاَ وَشَهَادَةُ الزُّورِ».
حتى
إن الصحابة أشفقوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: ليته سكت!! مما أصابه
صلى الله عليه وسلم مِنْ شدة الإبلاغ، وشدة البيان للناس؛ مما يدل على عظم إثم
شاهد الزور؛ جاء في الحديث الصحيح أنه: «لاَ تَزُولُ قَدَمَا شَاهِدِ الزُّورِ
يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى تَجِبَ لَهُ النَّارُ» ([2])،
فلا يجوزُ للإنسان أن يشهد بغير حق «شهادة زور»؛ مِنْ أجل أن ينفع فلانًا أو
علانًا، ما يشهد إلا بالحق. ﴿وَمَا شَهِدۡنَآ إِلَّا بِمَا عَلِمۡنَا﴾
[يوسف: 81]، لا تشهد إلا بما تعلم، ولا تشهد الزور.
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلۡقِسۡطِ شُهَدَآءَ لِلَّهِ وَلَوۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ أَوِ ٱلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَۚ﴾ [النساء: 135]، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنََٔانُ قَوۡمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2654) ومسلم رقم (87).