×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

 فلو أنك فلحت عند القاضي وأخذت المال؛ فإنه سيعاد يوم القيامة عند أحكم الحاكمين سبحانه، فيقضي سبحانه للمظلوم على الظالم.

قال صلى الله عليه وسلم: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى تُقَادَ الشَّاةُ الْجَلْحَاءُ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ»  ([1])، حتى البهائم؛ يجري اللهُ العدل بينها يوم القيامة، فكيف ببني آدم؟! الواجب على الإنسان أن يتقي الله سبحانه وتعالى.

قال صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ اللهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» قَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ»  ([2])، عودًا مِنْ شجر الأراك، فكيف بالأموال الكثيرة؟! كيف بالملايين؟!

وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الأَْرْضِ ظُلْمًا، طَوَّقَهُ اللهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ»  ([3])، فالذي يخاصم في الأراضي ويأخذ أراضي الناس بالباطل وبالخصومات الفاجرة؛ يُطَوّق هذه الأراضي يوم القيامة من سبع أَرَضين؛ عقوبةً له وفضيحةً له. فلا يظن أن الأمور تنتهي عند القاضي فقط، هناك أحكام الحاكمين سبحانه وتعالى.

﴿وَتُدۡلُواْ بِهَآ [البقرة: 188]، أي: ولا تدلوا بها إلى الحكام، ﴿لِتَأۡكُلُواْ فَرِيقٗا مِّنۡ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلۡإِثۡمِ [البقرة: 188]، يعني: لا تخاصموا بالباطل، فيجب على مَنْ يريد أن يخاصمَ عند القضاة أن يتحرَّى الصدق، وأن يصدق في دعواه، فإن كان كاذبًا أو ليس عنده ما يثبت دعواه؛ فإنه لا يتقدم إلى القاضي؛ لِيَسْلمَ من الإثم، ويسلمَ مِنَ الشر،


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2582).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (137).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (3198) ومسلم رقم (1610).