الخصومات
التي جرت في الدنيا - وفيها ظلمُ الناس - تعاد يوم القيامة عند أحكم الحاكمين؛
فينصف المظلومين مِنَ الظالمين، وترد الحقوق إلى أهلها، وليس هناك دراهمُ ولا دنانيرُ
ولا أرضٌ يوم القيامة، لكن مِنَ الحسنات، يُؤخذ من حسناتك وتعطى للمظلومين.
فإن
فَنِيَت حسناتك ولم ينتهِ ما عليك مِنَ المظالم، فسيؤخذ مِنْ سيئات المظلومين؛
فتطرح عليك، فتطرح في النار.
يا
إخوان، الأمر ما هو سهل، ﴿وَتُدۡلُواْ بِهَآ إِلَى ٱلۡحُكَّامِ﴾
[البقرة: 188]؛ لأن بعضَ الناس يقول: هذا أنا أخذته مِنْ عند القاضي وهو يعلم أنه
كذاب وأتى بحجج باطلة، والقاضي لا يعلم، القاضي يحكم على نحو ما يسمع. وأما
الباطنُ فلا يعلمه إلا علاَّمُ الغيوب سبحانه وتعالى. ويقول: هذا أنا أخذته بحكم
القاضي.
القاضي
لا يحلل حرامًا ولا يحرم حلالاً، وإنما يجتهد: إذا اجتهد
الحاكمُ فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجرٌ واحد، فهو مأجور؛ لأنه بذل ما
يستطيع، وهو لا يعلم الغيب، وهذه الخصوماتُ لا تنتهي: إنِ انتهت في الدنيا فهي لا
تنتهي يوم القيامة، ستعاد في موقف لا تُحْسَد عليه يوم القيامة، في موقف حرج، لا
حيلة لك فيه، ولا تتمكن مِنَ التزوير، ولا تتمكن مِنَ التدليس؛ لأنك عند علام
الغيوب.
كذلك مِنَ الخصومات الفاجرة: ما ذكرناه لكم: أن الإنسان قد لا يكون عنده بينة، فيُطلب منه اليمين، قال صلى الله عليه وسلم: «البَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَاليَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» ([1])، قد يكون المدَّعي محقًّا لكن ما معه
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (1341)، والدارقطني رقم (4311).