ولهذا
قال: ﴿وَتُدۡلُواْ بِهَآ إِلَى ٱلۡحُكَّامِ﴾
[البقرة: 188]، تدلوا بالحجج الباطلة والأكاذيب؛ مِنْ أجل أن تأكلوا مال الخصوم،
وتغرروا بالحاكم، ﴿بِٱلۡإِثۡمِ﴾ [البقرة: 188] بالكذب بالزور، ﴿وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾
[البقرة: 188] تعلمون أنكم كاذبون، ولكنكم تريدون الغلبة على الخصم، وتريدون
المال، ولا تنظرون في العواقب، نسأل الله العافية.
فهذا
فيه النهيُ عن الخصومات الفاجرة، وأن الإنسان لا يخاصم إلا
إذا كان صادقًا وكان على حق، وإذا طلبت منه اليمين، فلا يحلف إلا إذا كان بارًّا
صادقًا.
لا
يحلف على الكذب؛ فيجمع بين ثلاث جرائمَ:
الجريمة
الأولى: الحلف على الكذب.
والجريمة
الثانية: أكل أموال الناس بالباطل.
والجريمة
الثالثة: التغرير بالحاكم، وتلبيس الحق عليه.
ولا
تنسَوْا دعاء المظلوم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذٍ لَمَّا بعثه إلى
اليمن قاضيًا، ومعلمًا، وداعيًا إلى الله، قال له: «وَاتَّقِ دَعْوَةَ
الْمَظْلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ» ([1])،
الله جل وعلا يقول: ﴿وَلَا
تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعۡمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَۚ إِنَّمَا
يُؤَخِّرُهُمۡ لِيَوۡمٖ تَشۡخَصُ فِيهِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ ٤٢ مُهۡطِعِينَ مُقۡنِعِي رُءُوسِهِمۡ لَا يَرۡتَدُّ إِلَيۡهِمۡ
طَرۡفُهُمۡۖ وَأَفِۡٔدَتُهُمۡ هَوَآءٞ﴾
[إبراهيم: 42، 43].
شاخصة أبصارهم مِنَ الهول، ﴿وَأَفِۡٔدَتُهُمۡ هَوَآءٞ﴾: قلوبهم مرتفعة مِنَ الخوف إلى حناجرهم - والعياذ بالله - ﴿وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ﴾ [غافر: 18]، أفئدتهم هواء مِنْ شدة الخوف! أين يذهب الظلمة في هذا الموقف؟! نسأل الله العافية.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1496).