×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

﴿وَتُدۡلُواْ بِهَآ إِلَى ٱلۡحُكَّامِ لِتَأۡكُلُواْ فَرِيقٗا مِّنۡ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلۡإِثۡمِ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ [البقرة: 188]، هذا قسم، وهو الإدلاء إلى الحكام بالحجج الباطلة والأيمان الكاذبة. وهناك قسم آخر، وهم الذين يدفعون الرِّشْوة إلى الحاكم؛ لأجل أن يحكم لهم. وهذا داخل في معنى الآية الكريمة.

وذكر المفسرون: أن هذا يشمل الرِّشْوة التي تدفع إلى بعض الحكام الذين لا يخافون الله عز وجل. فإذا أعطاهم أحد الخصوم رِشْوة حكم له بالباطل. فهذا الحاكم أخذ الرِّشْوة، وهذا الخصم دفع الرِّشْوة، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. فالحاكمُ الذي يأخذ الرشوة ملعون، والخَصْم الذي يدفع الرشوة ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدخل في قوله: ﴿وَتُدۡلُواْ بِهَآ إِلَى ٱلۡحُكَّامِ لِتَأۡكُلُواْ فَرِيقٗا مِّنۡ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلۡإِثۡمِ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ [البقرة: 188].

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿يَسۡ‍َٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَهِلَّةِۖ قُلۡ هِيَ مَوَٰقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلۡحَجِّۗ [البقرة: 189].

جاء في سبب نزول هذه الآية: أن بعض الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الهلال، فقالوا: ما بالُ الهلال يبدو صغيرًا ثم يتكامل ثم يضعف ويضعف حتى يعود ضعيفًا؟ يسألون: لماذا؟

﴿يَسۡ‍َٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَهِلَّةِۖ: عن حقيقتها، الله جل وعلا قدَّر القمر منازل؛ ﴿لِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَۚ[يونس: 5]، فهو يكبر ويصغر بحسب قربه مِنَ الشمس وبعدِهِ عن الشمس، وجعله منازل، تسعًا وعشرين منزلةً، كل ليلة يكون في منزلة إلى آخر الشهر، ويستسر يعني: يختفي في ليلة تسع وعشرين، أو ليلتين إذا كان الشهر كاملاً، إذا كان الشهر ثلاثين يومًا، ثم يظهر ضعيفًا ويكبَر ويكبَر ويكبر حتى يصير بدرًا، ثم يضعف حتى يصير هلالاً، ثم يختفي، ويستسر في ليلة أو ليلتين.


الشرح