×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

قال تعالى: ﴿فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَخُذُوهُمۡ وَٱحۡصُرُوهُمۡ وَٱقۡعُدُواْ لَهُمۡ كُلَّ مَرۡصَدٖۚ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡۚ [التوبة: 5]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عز وجل »  ([1]).

ففي هذه المرحلة الأخيرة لما قوي المسلمون وصار لهم دولة وصار لهم ولاية وصار عندهم سلاحٌ ورجالٌ وقوة؛ أمروا بقتال الكفار ابتداءً، وأن يغزوهم في بلادهم؛ لإعلاء كلمة الله وإزالة الشرك من الأرض وإظهار الدين الإسلامي. ﴿وَيَكُونَ ٱلدِّينُ لِلَّهِۖ [البقرة: 193]، وفي الآية الأخرى: ﴿وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ [الأنفال: 39].

وهذا هو القصدُ مِنَ الجهاد في سبيل الله، ليس القصدُ مِنَ الجهاد في سبيل الله أخذَ الأموال أو الغنائم أو الاستيلاء على بلاد الكفار، إنما القصد هو إعلاء كلمة الله وألا يُعبدَ إلا اللهُ وحدهَ لا شريك له، وأن يكونَ دين الإسلام هو الظاهر في الأرض. هذا هو القصد مِنَ الجهاد في سبيل الله عز وجل.

ومِنْ هذا نعلم أن الجهادَ في سبيل الله يكون على حالتين:

الحالة الأولى: يكون مجرد دفاع إذا كان المسلمون ليس عندهم قوة واعتدى عليهم الكفار في بلادهم، فإنه يجب على المسلمين أن يدفعوهم وأن يقاتلوهم حتى يردوهم عن بلاد المسلمين. هذا يسمَّى الدفاعَ، وهذا عند ضعف المسلمين وعدم استطاعتهم للغزو؛ فإنهم على


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (25)، ومسلم رقم (22).