×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

في الإسلام مجرد دفاع فقط. هذا غلط، الجهاد في الإسلام يكون دفاعًا عند ضعف المسلمين. أما إذا قَوِيَ المسلمون فيكون الجهاد في سبيل الله جهادَ طلب وجهادَ غزوٍ في أقطار الأرض؛ حتى يظهر دينُ الله عز وجل.

هذا هو المقصود مِنَ الجهاد في سبيل الله، وهنا يقول الله سبحانه: ﴿وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ [البقرة: 190]، انظر: ﴿فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ، هذا تنبيهٌ على الإخلاص في الجهاد، إخلاص النية: أن القصد ليس هو طمع الدنيا وأخذ الأموال وتوسعة الممالك، وإنما القصدُ في سبيل الله عز وجل، وليس القصدُ عداوة الكفار فقط، إنما القصد هو في سبيل الله.

ولهذا لما سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل حمية، والرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل لِيُرَى مَكَانُه، أيُّ ذلك في سبيل الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ الله»  ([1]). تكون كلمة الله هي العليا، هذا هو الذي يكون في سبيل الله عز وجل.

﴿وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ [البقرة: 190]، يعني: لا تقاتلوا لأجل الطمع الدنيوي أو الظهور على الناس وأخذ الملك. هذا شأنُ الجبابرة، وإنما المسلمون يقاتلون لهدفٍ واحدٍ هو إعلاء كلمة الله، ولا يكون في سبيل الله إلا مَنْ قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، كما قال الله: ﴿وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ[البقرة: 190]، هذا على القول الأول، أن هذه مرحلة مِنْ مراحل تشريع الجهاد، وهو قتال مَنْ قاتل مِنَ الكفار، والكف عمن لم يقاتل، وهذا هو الذي ذكره ابْنُ القيم رحمه الله في «زاد المعاد».


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (123) ومسلم رقم (1904).