×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

والمعنى الثاني: قال بعضُ المفسرين: ﴿ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ، معناه: أن الكفارَ لو تركتموهم قاتلوكم، لو تركتُمُ الكفار ولم تقاتلوهم، هم يقاتلونكم، قال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمۡ عَن دِينِكُمۡ إِنِ ٱسۡتَطَٰعُواْۚ[البقرة: 217]. فهذا شأنُ الكفار لو ما قاتلهم المسلمون قاتلوا هم المسلمين، وهذا واقعٌ كما ترون الآن. لما ترك المسلمون الجهاد في سبيل الله تسلط عليهم الكفار فصاروا يقتلونهم، ويستولون على بلادهم، ويُسَخِّرُونهم في خدمتهم وأعمالهم، ويذلون المسلمين، فلا عزَّ للمسلمين ولا قمع للكفار إلا بالجهاد في سبيل الله عز وجل.

﴿وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ [البقرة: 190] قالوا: هذا بيانٌ؛ لأن الكفار سجيتهم ونفسيتهم أنهم يتعطشون إلى قتال المسلمين دائمًا وأبدًا، فلا بد للمسلمين أن يقاتلوهم كفًّا لشرهم وردًّا لبأسهم.

﴿ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ، ثم قال: ﴿وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ [البقرة: 190]، الاعتداء في القتال ما هو؟ الاعتداء في القتال: أنْ يقتلَ مَنْ لا يستحق القتل مِنَ الكفار، فهناك النساءُ مِنَ الكفار لاَ يُقْتلن، المرأة لا تقتل. وهناك الصبيان أولادُ الكفار، هؤلاء لا يقتلون، وهناك الشيوخ الكبار الشيخ الهَرَم مِنَ الكفار، هذا لا يُقتَل؛ لأنه ليس منه شرٌّ على المسلمين، وإنما شره قاصر على نفسه، إنما يُقاتَل الأقوياءُ من الكفار الذين لو تركهم المسلمون غزَوُا المسلمين في بلادهم.

أَمَّا مَنْ لا شأن له بالقتال ولا يخاف منه؛ فهذا لا يُقتَل؛ كالنساء والصبيان والشيوخ الكبار والرهبان الذين تفرغوا للعبادة في الصوامع. فهؤلاء لا يُقْتَلون، وإنما يضرب عليهم الرق إذا استولى المسلمون عليهم، يجعلونهم أرقاء مملوكين للمسلمين. فمَنْ قتل أحدًا مِنْ هؤلاء


الشرح