فهذا
مِنَ العدوان؛ وكذلك مِنَ العدوان في القتال التمثيل بجثث القتلى حتى ولو كانوا
كفارًا، لا يجوز التمثيل بالقتلى بتقطيع أطرافهم وتقطيع أعضائهم، إذا قُتلوا
يتركون، ولا يجوز التمثيل بجثثهم، وإنما يُكتفَى بقتلهم وإراحة المسلمينَ مِنْ
شرِّهم.
وكذلك
مِنَ العدوان في القتال: نقض العهود، فإذا تصالَحْنَا مع الكفار
وأبرمنا بيننا وبينهم صلحًا على ترك القتال؛ فإننا لا يجوزُ لنا أن نغدِرَ بهم وأن
ننقض العهد ما داموا مستقيمين على العهد، فلا يجوز الغدرُ بالعهد، وإذا احتجنا إلى
نقض العهد فإننا نعلن، إذا خفنا مِنْ خيانتهم فإننا نعلن أننا سننهي العقد، ولا
نغدِرهم غدرًا وخفية.
قال
تعالى: ﴿وَإِمَّا
تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ
ٱلۡخَآئِنِينَ﴾ [الأنفال: 58]؛ والنبي صلى
الله عليه وسلم يقول لأصحابه: «اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ،
قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلاَ تَغُلُّوا، وَلاَ تَغْدِرُوا، وَلاَ
تَمْثُلُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا» ([1]).
هذا هو العدوان.
ولهذا
قال: ﴿وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ﴾
[البقرة: 190]، يعني: في قتال الكفار، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ﴾
[البقرة: 190] فهذا فيه وصفٌ لله عز وجل بالمحبة، وأنه يحب الصالحين ويحب الأوفياء
ويحب الموفين بالعهود، ويبغض المعتدين الذين يعتدون حدود الله سبحانه وتعالى في
القتال وغيره.
ثم قال عز وجل: ﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ﴾ [البقرة: 193] هذا فيه بيانُ الحكمة من الجهاد والغرض من الجهاد ﴿حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ﴾، والفتنة هي: الشرك، لا يكون هناك شركٌ؛ لأن الله خلق الخلق لعبادته سبحانه وتعالى، ﴿حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ﴾، أي: شركٌ؛ وكذلك ﴿لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ﴾، أي: لا يكون مِنَ
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1731).