×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَلَئِنْ سَأَلَنِي عَبْدِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ، وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ»  ([1]).

هذا كله يدل على أن الجزاء مِنْ جنس العمل، فمَنْ أحسن أحسن الله إليه، كما قال تعالى: ﴿هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ[الرحمن: 60]، وكما قال تعالى: ﴿وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ [القصص: 77]، وهنا يقول الله جل وعلا: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ [البقرة: 195]

فإذا أردت أن تنالَ هذا الشرف العظيم، فأتقن - يا أخي - أعمالَكَ فيما بينك وبين الله، وأتقن أعمالك فيما بينك وبين الناس، وأتقن أعمالك فيما تعمله وتصنعه وتبيعه للناس، أو تُسْتَأْجر عليه لإعداده. أحسن في ذلك وأتقنه، ولا تبخسْ منه شيئًا، أو تغش فيه فإن هذا خيانة، واللهُ لا يهدي كيد الخائنين، ﴿وَأَحۡسِنُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ [البقرة: 195] ثم قال اللهُ جل وعلا: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ [البقرة: 196]، لما ذكر اللهُ سبحانه وتعالى آياتِ الصيام وذكر آيات الجهاد في سبيل الله، ذكر الحج؛ لأن الحجَّ ركنٌ مِنْ أركان الإسلام؛ ولأن الحج نوعٌ مِنَ الجهاد، لما ذكر الله الجهاد في سبيل الله وقتال الكفار ذكر الحج؛ لأن الحج أيضًا جهادٌ، وهو مِنْ أنواع الجهاد لِمَا فيه مِنَ المشقة وبُعْد المسافة، وما فيه مِنَ النفقات؛ فهو نوع من الجهاد، وقد عَدَّهُ النبي صلى الله عليه وسلم مِنَ الجهاد.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6502).