هذا
يأتون به مِنَ الورع، يزين الشيطان لهم هذا فيخلعون ثيابهم، حتى النساء يخلعن
ثيابهن في الطواف في الجاهلية، تقول إحداهن:
اليوم يَبْدُو بَعْضُهُ
أَوْ كُلُّهُ وَمَا بَدَا
مِنْهُ فَلا أُحِلُّهُ
كانت
تلبس سيورًا على عورتها، سيورًا فقط تبدو منها عورتها. هذا دينُ الجاهلية، دين
التعري هو دين الجاهلية، ولا يزال هذا في كثير مِنَ الناس. التعري وعدم المبالاة
والسفور في النساء وكشف الحجاب. هذا ما يأمر به الشيطان، ولا حول ولا قوة إلا
بالله.
فلما
كان المشركون يطوفون بالبيت وهم عراة، وأيضًا يشركون عند البيت، ويدعون غير الله
سبحانه وتعالى؛ لم يحجَّ النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة، وأرسل النبي
صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه فحج بالناس، وأرسل معه عليًّا رضي الله
عنه ينادي في الناس: «أَلَّا يَحُجَّ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ
يَطُوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان» ([1]).
فمنعهم
صلى الله عليه وسلم، منع المشركين مِنَ الطواف بالبيت، وقال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ فَلَا يَقۡرَبُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ
ٱلۡحَرَامَ بَعۡدَ عَامِهِمۡ هَٰذَا﴾ [التوبة:
28]، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم مَنْ يبلغهم بأنهم لا يحجون البيت بعد هذا
العام، ولا يطوف بالبيت عريان.
فلما كان في السنة العاشرة وخلا البيت من المشركين ومِنَ العراة؛ حج النبي صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة حجة الوداع، ما حج النبي صلى الله عليه وسلم بعد البعثة إلا مرة واحدة، هي حجة الوداع، وسُمِّيَتْ حجة الوداع؛ لأنه ودَّعَ الناس فيها، وقال عليه الصلاة والسلام: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ؛ فَإِنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلِّي لاَ أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» ([2]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (369)، ومسلم رقم (1347).