×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

كل عمل مِنَ الأعمال، ولكنه نص عليهما هنا في الحج والعمرة، ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ [البقرة: 196] ثم إنه لما أمر بإتمام الحج والعمرة، وإنه لا يجوز لأحد أن يتحلل مِنْ إحرامه قبل أداء المناسك، بل إذا أحرم الإنسانُ بحج أو عمرة؛ فإنه يلزمه ويجب عليه أنْ يمضِيَ في إحرامه ويكمل مناسكهما، ولا يتخلص مِنَ الإحرام إلا بذلك.

استثنى حالة واحدة يجوز للإنسان أن يتحلل مِنْ إحرامه ولا يؤدي المناسك وهي: الإحصارُ: ﴿فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۖ [البقرة: 196]

والحصر معناه: الحبس والمنع، أي: حبستم ومُنِعْتم مِنْ إتمام الحج والعمرة، منعَكُم عدوٌّ بعدما أحرمتم، منعكمُ العدوُّ مِنَ الوصول إلى البيت.

مثلما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية، فإنهم جاءوا مِنَ المدينة مُحْرِمين بالعمرة ومعهم الهديُ، فلما وصلوا إلى الحديبية - وهي مَحِلُّ الشميسي الآن قريبًا مِنْ جدة - لما وصلوا إلى هذا المكانِ على حدود الحرم، منعهم المشركون مِنَ الوصول إلى البيت، وجرت المفاوضات بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، فأَبَوْا أن يمكنوا الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه مِنَ العمرة. فالله عز وجل رَخَّص لهم بأن يذبحوا هديهم بمكانهم، ويحلقوا رءوسهم ويتحللوا.

﴿فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ، يعني: منعكم عدوٌّ مِنَ الوصول إلى البيت، ﴿فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۖ[البقرة: 196]، أي: فاذبحوا ما تيسر لكم مِنَ الهدي في مكانكم الذي أُحْصِرْتم فيه، واحلقوا رءوسكم وتحللوا مِنْ إحرامكم، وليس عليكم شيءٌ؛ لأنكم معذورون مِنَ المضي وإتمام النسك.


الشرح