فنحر
النبيُّ صلى الله عليه وسلم هديَهُ، وأمر الصحابة فذبحوا هديهم في مكانهم، وحلقوا
رءوسهم وحلوا مِنْ إحرامهم ورجعوا إلى المدينة على أن يأتوا في العام القادم، كما
تفاوضوا مع المشركين على أن يأتوا في العام القادم ويمكنهم المشركون من العمرة
قضاءً أو مقاضاة لما حصل.
كما
قال تعالى: ﴿ٱلشَّهۡرُ
ٱلۡحَرَامُ بِٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡحُرُمَٰتُ قِصَاصٞۚ﴾ [البقرة: 194]، فرجعوا واعتبرت لهم عمرة؛ لأنهم أحرموا
بها ونووها لكن منعهم العدوُّ، فاعتبرت لهم عمرة كاملة، ثم جاءوا بعدها بعمرة
مقاضاة مع المشركين فصارت عمرة ثانية.
إذًا
الحمدُ لله، ربح المسلمون، حصلت لهم عمرتان:
العمرة
الأولى: التي رجعوا عنها.
والعمرة
الثانية: التي مكنهم المشركون منها. حصلت لهم عمرتان، ولله
الحمد، عوَّضَهم الله سبحانه وتعالى.
﴿فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۖ﴾ [البقرة: 196]، هذا في الحصر مِنَ العدو. هذا محل إجماع
بين المسلمين: أن المحرم إذا صده العدوُّ عنِ الوصول إلى البيت؛ فإنه يذبح فدية ما
استيسر مِنَ الهدي وهي: سُبْع بدنة، أو سُبْع بقرة أو شاة، يذبحها ويحلق رأسه
ويتحلل. ما استيسر مِنَ الهدي. هذا محل إجماع.
واختلف العلماء: هل يحصل الإحصارُ بغير العدو كالمرض؟ إذا أصابه مرضٌ ولم يتمكن هل يعتبر إحصارًا، فيذبح هديه ويحلق رأسه ويتحلل؟ إذا أصابه حادث سيارة ولم يتمكن، أصابه جروح أو كسر عظام أو غير ذلك ولم يتمكن، هل يعتبر هذا مِنَ الإحصار؟ فيذبح ويحلق رأسه ويتحلل، أو الإحصار خاص بالعدو؟