×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

 النبي صلى الله عليه وسلم والقملُ يتناثر مِنْ رأسه وهو صابر عليه. فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟» قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَاحْلِقْهُ، وَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً»  ([1]). فأنزل الله هذه الآية.

فكان سببُ نزولها كَعْب بن عُجْرة رضي الله عنه، وهي عامة للأمة إلى أن تقومَ الساعة. ولهذا قال كعبٌ رضي الله عنه: أَلِي خَاصَّةً يَا رَسُولَ اللَّهِ - أي: هذه الآية- أَوْ هِيَ عَامَّة ؟ قال صلى الله عليه وسلم: «بَلْ هِيَ عَامَّة».

فإذا احتاج المحرم إلى فعل شيءٍ مِنَ المحظورات وهو محرم؛ كأن احتاج - مثلاً - إلى حلق شَعَرِه لأجل القمل أو المرض، أو احتاج إلى تغطية رأسِهِ مِنْ أجل البرد بالليل مثلاً؛ فإنه يباح له ذلك، ويقدم بدله فدية، ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ بِهِۦٓ أَذٗى مِّن رَّأۡسِهِۦ [البقرة: 196]، يعني: يحتاج أن يفعل محظورًا مِنْ محظورات الإحرام؛ فإنه يفعله ويفدي الفدية المخيرة، ﴿فَفِدۡيَةٞ مِّن صِيَامٍ أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكٖۚ [البقرة: 196]، الآية مجملة وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم بأنَّ الصيامَ ثلاثة أيام، والإطعامَ إطعامُ ستة مساكين، لكل مسكينٍ نصفُ صاعٍ، والنسك ذبح شاة. فهو مخير بين هذه الأمور.

إذا احتاج إلى اللبس يلبس ويفدي، إذا احتاج إلى تغطية رأسه يفدي ويغطي رأسه، إذا احتاج إلى حلق شَعَره يحلقه ويفدي. والفدية مخيرة بين هذه الأمور، وهذا تيسير مِنَ الله سبحانه وتعالى على عباده.

الذي يقدر على الإطعام يُطعم، والذي يقدر على ذبح الشاة يذبح، والذي لا يقدر يصوم ستة أيام، الله جل وعلا وَسَّع على عباده ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ بِهِۦٓ أَذٗى مِّن رَّأۡسِهِۦ فَفِدۡيَةٞ مِّن صِيَامٍ أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكٖۚ[البقرة: 196]،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4190)، ومسلم رقم (1201).