×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

بعضُ الناس يُحرِم بالعمرة، فإذا جاء ووجد زحمة تنازل عن الإحرام ولبس ثيابه وذهب إلى أهله. هذا حرامٌ لا يجوز، حتى لو ذهب إلى أهله الإحرام باقٍ عليه، فيجب عليه الرجوعُ وإعادة ملابس الإحرام والإتيانُ بما أحرم به ولا يسقط؛ لأن الله يقول: ﴿فَمَن فَرَضَ [البقرة: 197]، يعني: أحرم، فسمى الإحرامَ فرضًا.

وقال: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ [البقرة: 196]، حتى الحائض؛ المرأة إذا أحرمت ثم حاضت بعد الإحرام تَبْقَى على إحرامها وتفعل ما يفعل الحاج، لكنْ لا تطوف بالبيت حتى تطهر مِنَ الحيض وتغتسل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضتْ بعد الإحرام، قال لها: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي»  ([1]).

والمريض؛ لو مرض الإنسانُ يبقى على إحرامه، فإذا شُفِي فإن كان الوقوفُ بعرفة لم يمضِ ولم يفت فإنه يقف بعرفة ويكمل حجه، وإن كان لم يشفَ إلا بعد انتهاء الوقوف بعرفة؛ فإنه يتحلل بعمرة، يتحلل بعمرة ثم في العام القادم يقضي الحج الذي فات عليه بسبب المرض.

إذًا لا مناص لِمَنْ أحرم بحج أو عمرة - لا مناص له - أن يؤديَ المناسك التي أحرم بها إلا إذا أحصره عدوٌّ، إذا أحصره عدوٌّ فإنه يتحلل بعد أن يذبح ويحلق رأسه، ﴿فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۖ[البقرة: 196]. أما غيرُ المحصر فإنه لا بد أن يكمل مناسكه، ولا يجوز له أن يرفض الإحرام وأن يترك الإحرام وهو لم يكمل مناسكه.

﴿فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ [البقرة: 197]، أي: في هذه الأشهرِ المعلومات، يعني: أحرم فيهن ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ[البقرة: 197]


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1211).