×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

هذا يدل على أنَّ الجدال في الحج عامٌّ.

وقيل: ﴿وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ يعني: لا جدالَ في أحكام الحجِّ؛ لأن الله بيَّنها ووضَّحها فلا جدال فيها.

والصحيح: أن اللفظ عامٌّ؛ أنه لا جدالَ في أحكام الحجِّ؛ لأن الله بيَّنها، وكذلك لا جدالَ في الأمور الأخرى مِنَ الجدال في أمور الدنيا، والجدال في الأخبار، والجدال في المخاصمات، وغير ذلك. فالآية عامَّة.

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ [البقرة: 197] لمَّا نهى عن المعاصي والمخالفات أمر بضدِّها وهو الخير، أمر بالخير، أنَّ المحرم يقبل على الخير وعلى الطاعة؛ لأنه في عبادة، فلما نهاه اللهُ عن الشَّرِّ أمره بالخير.

﴿وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ أيّ خيرٍ، سواءٌ كان قليلاً أو كثيرًا، سواءٌ كان هذا الخيرُ ماليًّا أو غيرَ ماليٍّ، أيّ نوع من الخير تفعله وأنت محرم أو وأنت غير محرم؛ فإنَّ الله يعلمه؛ ﴿فَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرٗا يَرَهُۥ [الزلزلة: 7]، ﴿وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ [البقرة: 197] أي خير، قليلاً كان أو كثيرًا فإن الله يعلمه. اللهُ عز وجل لا يخفى عليه شيءٌ لا في الأرض ولا في السماء مِنَ الخير والشر، حتى إنه يعلم سبحانه ما في النفوس وما في القلوب وما في الصدور. هذا شيءٌ معلومٌ.

فلماذا قال: ﴿يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ [البقرة: 197] ؟

مِنْ باب الحثِّ على فعل الخير، وأنَّ الخيرَ لا يَضِيعُ عند الله عز وجل، وأن الله مطَّلع عليه ويحصيه ويحفظه لصاحبه: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا [النساء: 40].


الشرح