×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

الليل، ويستغفر الله مِنْ نقص يحصل في حجه ومناسكه، ولا يزكِّ نفسه أو يعجب بنفسه، هو بحاجة إلى الاستغفار حتى بعد العبادة، فكيف بالاستغفار مِنَ الذنوب؟! هذا آكد، لاحظوا هذا، إنه مأمور بالاستغفار بعد العبادة وطاعة الله عز وجل، فكيف بالاستغفار مِنَ الذنوب والخطايا؟! هذا آكد وألزم.

ثم قال: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ [البقرة: 199] ﴿غَفُورٞ صيغة مبالغة، أي: كثير المغفرة، والله غفور وغفَّار، أي: كثير المغفرة، ولكن لِمَنْ تاب؛ ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٞ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا ثُمَّ ٱهۡتَدَىٰ [طه: 82]، وليس الاستغفار باللسان فقط، وإنما الاستغفار يكون باللسان وبالقلب وبالعمل، إذا استغفر الإنسان ربَّه فينبغي أن يترك الذنوب. أما أنه يستغفر وهو باقٍ على الذنوب؛ فهذا استغفار كاذب.

ولهذا يقول بعض السلف: إن استغفارنا يحتاج إلى استغفار؛ لأن بعض الناس يستغفر بلسانه لكن ما يغيِّر مِنْ أفعاله السيئة شيئًا. فهذا استغفارٌ لا ينفع؛ الله عز وجل يقول: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٞ لِّمَن تَابَ. أما الذي لم يتب فإنه لا ينفعه الاستغفار، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ [البقرة: 199] هذا مِنْ أسماء الله سبحانه وتعالى، مِنْ أسماء الله أنه غفور، ومِنْ صفاته المغفرة، أنه يغفر الذنوب لعباده إذا تابوا إليه واستغفروه.

﴿إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ [البقرة: 199] اسمان كريمان مِنْ أسماء الله، ﴿رَّحِيمٞ: كثير الرحمة سبحانه وتعالى، والله أرحمُ بعباده مِنَ الوالدة بولدها، كما جاء في الحديث، ولكنَّ رحمته إنما تكون لِمَنْ فعل الأسباب التي تقتضي الرحمة:

قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ [الأعراف: 56].


الشرح