ثم
قال: ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ﴾
[البقرة: 203]، هذا تنبيهٌ مِنَ الله جل وعلا، اعلموا، كلمة عظيمة، تنبهوا،
استيقظوا، ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ
أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ﴾
[البقرة: 203]، تجمعون إلى ربكم يوم القيامة للجزاء والحساب، تبعثون مِنْ قبوركم
أحياء كما كنتم أول مرة، ثم تسيرون إلى المحشر، تسيرون مِنَ القبور إلى المحشر
الذي يجتمع فيه الخلائق.
الحشر
معناه: الجمع، فلا بد أن تُجمَعوا في موقف واحد، جميع الخلائق
في موقف واحد، هذا هو الحشر، وهو الجمع، ﴿تُحۡشَرُونَ﴾،
يعني: تُجْمَعون للجزاء والحساب، ثم تنصرفون مِنَ المحشر إلى الحساب وإلى الميزان
- وزن الأعمال - وإلى أخذ الصحف باليمين أو بالشمال، ثم بعد ذلك تمرون على الصراط،
وهو: الجسر المنصوب على جهنم، تمرون عليه. فمَنْ نجا مِنَ الصراط دخل الجنة، ومَنْ
وقع وسقط في النار هلك.
قال
جل وعلا: ﴿فَوَرَبِّكَ
لَنَحۡشُرَنَّهُمۡ وَٱلشَّيَٰطِينَ ثُمَّ لَنُحۡضِرَنَّهُمۡ حَوۡلَ جَهَنَّمَ
جِثِيّٗا ٦٨ ثُمَّ
لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمۡ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحۡمَٰنِ عِتِيّٗا ٦٩ ثُمَّ
لَنَحۡنُ أَعۡلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمۡ أَوۡلَىٰ بِهَا صِلِيّٗا ٧٠ وَإِن
مِّنكُمۡ إِلَّا وَارِدُهَاۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتۡمٗا مَّقۡضِيّٗا ٧١ ثُمَّ
نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّٰلِمِينَ فِيهَا جِثِيّٗا﴾ [مريم: 68-72].
﴿وَارِدُهَاۚ﴾،
يعني: النار، وهذا الورود هو المرور على الصراط، المؤمن والفاجر، التقي والكافر،
يمرون على الصراط، والصراط أدق مِنْ حد السيف، وأحرُّ من الجمر، يمر الناس عليه
على قدر أعمالهم: فمنهم مَنْ يمر كالبرق الخاطف في السرعة، ومنهم مَنْ يمر على قدر
أعماله. الذي يحملهم أعمالهم.
فمنهم مَنْ يمر كالبرق، ومنهم مَنْ يمر كالريح، ومنهم مَنْ يمر