×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

 كالفرس الجواد، ومنهم مَنْ يمر كركاب الإبل، ومنهم مَنْ يعدو عدوًا يركض، ومنهم مَنْ يمشي مشيًا لا يستطيع أن يركض، ومنهم مَنْ يزحف زحفًا ولا يستطيع أن يمشي، ومنهم مَنْ يُخطف ويُلقى في جهنم.

ولهذا قال: ﴿وَإِن مِّنكُمۡ إِلَّا وَارِدُهَاۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتۡمٗا مَّقۡضِيّٗا ٧١ ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّٰلِمِينَ فِيهَا جِثِيّٗا [مريم: 71- 72]؛ ولهذا قال هنا: ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ [البقرة: 203]، فلا ينجِّيكم مِنْ هذا الحشر إلا تقوى الله سبحانه وتعالى التي فعلتموها في هذه الدنيا.

إذا اتقيتم الله في هذه الدنيا ومُتم على ذلك؛ فإنكم تنجون مِنْ أخطار الحشر يوم القيامة، والذي ليس معه تقوًى لا ينجو، بل يهلك في هذه الأنظار، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فقوله جل وعلا: ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ [البقرة: 203]، تأهبوا للحشر، استعدوا للحشر. الله يذكِّر عباده بهذا الحشر.

والحكمة - والله أعلم - بالتذكير بالحشر بعد الكلام عن الحج: أن الناس يجتمعون في الحج، يجتمعون في عرفة باختلاف ألسنتهم وألوانهم وأسنانهم، واختلاف طبائعهم. فالاجتماعُ في عرفة يشبه الحشر يوم القيامة، فيه مِنْ كلِّ جنس ولون، ومن كلِّ لغة، فيه الأتقياءُ وفيه الفُجَّار وفيه العصاة، الناس مختلفون يجتمعون في هذا الموقف، في يوم عرفة على صعيد عرفة.

هذا يُذَكِّر بالحشر يوم القيامة، ترون الناس يمشون ذاهبين إلى عرفة، وراجعين مِنْ عرفة على أقدامهم، والذي يركب سيارة والذي يمشي، فيوم الحشر كذلك، منهم مَنْ يأتي راكبًا وافدًا على الله سبحانه وتعالى، ومنهم مَنْ يأتي ماشيًا حافية قدماه، يختلفون يوم القيامة في الحشر، ﴿إِن كُلُّ


الشرح