×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا ٩٣ لَّقَدۡ أَحۡصَىٰهُمۡ وَعَدَّهُمۡ عَدّٗا ٩٤ وَكُلُّهُمۡ ءَاتِيهِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَرۡدًا ٩٥ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَيَجۡعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وُدّٗا[مريم: 93-96].

فيوم القيامة كلهم يأتون إلى الله سبحانه وتعالى، الكافر والمسلم، التائب والعاصي، المستقيم والمذنب، كلهم يأتون يوم القيامة ولا أحد يتخلَّف، ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ [البقرة: 203]، فاستعدوا لهذا الحشر، وتذكروا باجتماعكم في الحج اجتماعكم يوم القيامة.

وأيضًا الحج الناس ينصرفون منه، منهم: مَنْ غفر له ما تقدم مِنْ ذنبه وما تأخر، ورجع كيوم ولدته أمه كما في الحديث، ومنهم مَنْ يرجع بلا شيء، ومنهم مَنْ يرجع ببعض الشيء، يتفاوتون فيما يغنمون مِنْ هذا الحجِّ تفاوتًا كبيرًا، كما هم يوم القيامة كذلك يتفاوتون.

فالحقيقة أن اجتماع الناس للحج مِنْ كل لون، ومِنْ كل لغة، ومن كل فج، وباختلاف الطبائع - هذا يذكِّر بالحشر يوم القيامة. فعلى المسلم أن يتذكر الحشر يوم القيامة ويستعد له.

ثم قال سبحانه وتعالى ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ ٢٠٤ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُفۡسِدَ فِيهَا وَيُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَۚ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ ٢٠٥ وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتۡهُ ٱلۡعِزَّةُ بِٱلۡإِثۡمِۚ فَحَسۡبُهُۥ جَهَنَّمُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ ٢٠٦ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡرِي نَفۡسَهُ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ رَءُوفُۢ بِٱلۡعِبَادِ[البقرة: 204- 207].

لمَّا ذكر سبحانه أركان الإسلام الخمسة: ذكر التوحيد في هذه السورة العظيمة، وذكر الصلاة، وذكر الزكاة، وذكر الصيام،


الشرح