×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

اللهُ جل وعلا يقول: ﴿وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰٓئِرِ ٱللَّهِ لَكُمۡ فِيهَا خَيۡرٞۖ فَٱذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَا صَوَآفَّۖ فَإِذَا وَجَبَتۡ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّۚ [الحج: 36]، ويقول جل وعلا: ﴿لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ[الحج: 28].

وبهيمة الأنعام هي: الإبل والبقر والغنم، تُجزِئ الشاة الواحدة عن واحد، والبدنة - وهي البعير - عن سبعة، والبقرة عن سبعة. فهذا مِنْ ذكر الله في أيام التشريق: ذبحُ الهدي وذبح الأضحية، فهو عبادة لله عز وجل. الذبح عبادة وتقرب إلى الله عز وجل، وصدقات وأكلٌ مِنْ لحومها وانتفاعٌ بها. هذا مِنْ نعم الله سبحانه وتعالى على عباده.

ومن ذكر الله في أيام التشريق: الحلق؛ حلق الرأس أو التقصير، هذا نسك، بعدما يذبح هديه فإنه يحلق أو يقصر، وإن حلق أو قصَّر قبل الذبح فلا بأس.

والحلق أفضل مِنَ التقصير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمُحَلّقين بالمغفرة ثلاث مرات، ودعا للمقصِّرين مرة واحدة؛ فدل على أن الحلق أفضل من التقصير، وهو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه حلق رأسه عليه الصلاة والسلام.

وأيضًا الله جل وعلا قَدَّمَ الحلق على التقصير، ﴿مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح: 27]. فتقديم الحلق على التقصير يدل على أن الحلق أفضلُ، وإذا قَصَّر فهو مجزئ، ولكن يقصر مِنْ جميع رأسه، لا يقصر مِنْ بعض ويترك البعض الآخر، بل يقصر مِنْ جميع الرأس؛ لأن الله قال: ﴿مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ كما أن الحلق يعم جميع الرأس؛ فكذلك التقصير يعم جميع الرأس، ولا يقصر مِنْ جانب ويترك بقية الجوانب مِنْ


الشرح