ثم
هَلَك هذا الجيل الذي صَوَّر الصور، وجاء بعده جيل آخر. هَلَك الجيل الأول
الصالحون الذين نصبوا الصور بقصد حسن، لم يشركوا بالله عز وجل، ثم لما مات هذا
الجيل ومات العلماء، وجاء جيل جُهَّال ليس فيهم علماء.
جاءهم
الشيطان مرة ثانية وقال: إن آباءكم ما نصبوا هذه الصور إلا ليعبدوها، وبها كانوا
يُسْقَون المطر. فزَيَّن لهم عبادتها فعبدوها من دون الله.
فحَدَث
الشرك في الأرض من هذا التاريخ بعد آدم عليه الصلاة والسلام، وسببه الصور المنصوبة
التي أوحى إليهم الشيطان بنصبها، وهو له في ذلك غرض قبيح
ومقصد فاسد، لكنه ما أظهره للأولين؛ لأن فيهم علماء يقاومون هذا الشيء، فلما مات
العلماء جاء إلى الجُهَّال من بعدهم وقال لهم: إن آباءكم ما نصبوا هذه الصور إلا
ليعبدوها ويستغيثوا بها، وبها يُسْقَون المطر. فزَيَّن لهم عبادتها فعبدوها من دون
الله. فحينئذٍ حدث الشرك في الأرض.
فبَعَث
الله نبيه نوحًا عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى أن يرجعوا إلى التوحيد،
إلى دين أبيهم آدم عليه السلام، وينهاهم عن الشرك؛ لكنهم أصروا واستكبروا
استكبارًا، ﴿وَقَالُواْ
لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ
وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا﴾ [نوح: 23]،
هذه أسماء الصالحين الذين صوروا أسماءهم عليها.
قالوا:
لا تَذَرُنَّ هذه الصور التي هي على صور الصالحين، ولا تطيعوا هذا الرجل الذي
ينهاكم. وهو نوح عليه السلام. وما آمن مع نوح عليه السلام إلا القليل، والكثير أبَوا.
مَكَث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، يدعوهم إلى التوحيد وينهاهم