×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

ويُفسد المجتمعات. أما التوحيد فإنه يَجمع الكلمة، ويُوحِّد الصف، وينشر في الناس المحبة فيما بينهم والتآخي فيما بينهم.

﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ [البقرة: 213]، لماذا كانوا أمة واحدة؟ لأنهم كانوا على التوحيد، على دين أبيهم آدم عليه الصلاة والسلام، أمة واحدة، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ[الأنبياء: 92].

﴿فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ [البقرة: 213].

قال العلماء: الكلام فيه تقدير: كان الناس أمة واحدة فاختلفوا بعد ذلك، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، كما تدل عليهما الآية الأخرى: ﴿وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَٱخۡتَلَفُواْۚ [يونس: 19]، فالآية فيها تقدير. بل إنه جاء في بعض القراءات: ﴿كان الناس أمة واحدة فاختلفوا.

فلما اختلفوا بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين. ومتى كان ذلك؟

كان في عهد قوم نوح عليه السلام، كان قوم نوح عليه السلام مستمرِّين على التوحيد على دين أبيهم آدم عليه السلام، وكان فيهم أناس صالحون وعلماء أتقياء، يقتدون بهم، فمات هؤلاء الصالحون في عام واحد حزنوا عليهم حزنًا شديدًا وفقدوهم.

فوسوس لهم الشيطان وقال لهم: صَوِّروا صور هؤلاء الصالحين، وانصبوها على مجالسهم؛ حتى تتذكروا حالتهم إذا نظرتم إلى الصور، تتذكرون حالة المُصَوَّرين هؤلاء فتنشطون في العبادة.

جاء على صورة النصيحة لهم، وهو الغاشُّ الخائن؛ فأطاعوه. صَوَّروا صور هؤلاء ونصبوها على مجالسهم ليتذكروا العبادة. هذا قَصْدهم.


الشرح