×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

 عُمَرُ؟» فقال: ملوك كسرى وقيصر ينامون على الديباج والسُّرُر، وأنت تنام على الحصير!! فقال صلى الله عليه وسلم: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآْخِرَةُ؟»  ([1]).

﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ [البقرة: 212]، فلَئِن فات المؤمنين في الدنيا شيء، أو كثير من الرفاهية ومن الملذات، فإن الله يعوضهم عنها في الآخرة.

والله جل وعلا حكيم عليم، زوى عنهم الدنيا لئلا تفتنهم، ولئلا تشغلهم، ولئلا تطغيهم، الله حكيم في أن يجعل المؤمنين في الدنيا في فقر وفي حاجة وفي قلة من العيش لئلا تشغلهم الدنيا ويغتروا بها ويتكبروا بها.

وهو حكيم في إعطائه الكفار ثروة الدنيا؛ من أجل أن يغتروا ويبطروا ويكفروا نعمة الله عز وجل، فتحل عليهم نقمته عز وجل.

ثم قال جل وعلا: ﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ [البقرة: 213]، «كان الناس» يعني: بني آدم، هم الناس، كانوا أمة واحدة: أي جماعة واحدة، على الدين، على التوحيد؛ لأن الله خلق الخلق لعبادته، وكان أول الخلق على العبادة، على التوحيد، أمةً واحدة مجتمعين، من آدم عليه السلام إلى عهد نوح عليه السلام، عَشَرة قرون، كما قال ابن عباس، عَشَرة قرون بين آدم ونوح عليهما الصلاة والسلام، كلهم على التوحيد، على دين أبيهم آدم عليه السلام، عَشَرة قرون، أي: ألف سنة، كانوا على التوحيد، لم يَحْدث فيهم شرك.

وهذا فيه دليل على أنه لا يَجمع الناس إلا عقيدة التوحيد، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وأن الشرك يُفرِّق الناس ويُشتِّت الناس


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (12417)، وابن حبان رقم (6362).