فأي
الفريقين إذًا خيرٌ وأحسن عاقبةً؟
والعبرة
بالعواقب، ليست العبرة بالشيء الحاضر، ولكن العبرة بالعواقب، والعاقل مَن ينظر في
العواقب، ولا يقتصر نظره على الأمور الحاضرة، وإنما ينظر في العواقب.
فالكفار
نظروا في الأمر الحاضر فقط. والمؤمنون نظروا إلى الأمر الآجل والعاقبة، فهم
العقلاء وهم المفكِّرون التفكير الصحيح، وهم الذين استفادوا من دنياهم وآخرتهم،
فهؤلاء في الحقيقة هم الذين ربحوا دنياهم وآخرتهم؛ ولهذا يقول الله جل وعلا عنهم: ﴿جَنَّٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّٰتِهِمۡۖ
وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَدۡخُلُونَ عَلَيۡهِم مِّن كُلِّ بَابٖ ٢٣ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ﴾ [الرعد: 23، 24]، ﴿سَلَٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ﴾، متى صبروا؟ في الدنيا. ﴿فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ﴾:
صارت العاقبة لهم، صارت الدار لهم، وهي الجنة، نعم دار المتقين.
﴿وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ﴾ [البقرة: 212]، الله جل
وعلا يرزق الخلق، يرزق المؤمنين ويرزق الكفار في الدنيا. أما في الآخرة فالرزق
يقتصر على المؤمنين دون الكفار.
فالدنيا،
الله جل وعلا يعطيها من يحب ومن لا يحب، ولو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح
بعوضة ما سقى منها كافرًا شربة ماء.
فلا
تنظر إلى الدنيا وما فيه الكفار من نعيم عاجل ولذة عاجلة.
دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفضل الخلق، وهو نائم على حصير، حصير من جريد النخل، وما فوقه شيء، الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق - نائم على حصير قد أَثَّر في جنبه، أَثَّر الحصير في جنب الرسول صلى الله عليه وسلم، فَبَكَى عُمَرُ رضي الله عنه لما رآه كذلك، فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكَ يَا