بالإيمان ووصفهم بالتقوى،
وهي صفات عظيمة. بينما وَصَف خصومهم بالكفر، والعياذ بالله. والذين اتقوا الله عز
وجل في هذه الدنيا، اتخذوا منها وقاية تقيهم من عذاب الله، تقيهم من النار، وهي
الأعمال الصالحة التي قدَّموها في دنياهم.
﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ﴾ [البقرة: 212]، فوقهم منزلة في الجنة، وهؤلاء في النار،
هؤلاء في عليين، وهؤلاء في أسفل سافلين، والعياذ بالله، فوقهم في المنزلة، وفوقهم
أيضًا في القدر عند الله عز وجل بكرامة وبعزة، وهؤلاء في ذلة وفي مهانة.
انقلب
الأمر وانعكس: فالمؤمنون الذين صبروا في هذه الدنيا وعملوا الصالحات - أورثهم الله
عز وجل الجنة والكرامة والعزة. وهؤلاء الذين تطاولوا في الدنيا وأُعجبوا بها
ونَسُوا الآخرة - صاروا هم الخاسرين، صاروا في جهنم خالدين مهانين، والعياذ بالله.
﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ﴾.
فإذا
رأيت الكفار الآن في نعمة، وفي حضارة، وفي تقدم صناعي، وفي غنى؛ فاعلم أن هذا
استدراج لهم، وأنه سينقلب عما قريب إلى ضده.
وإذا
رأيت المؤمنين في ضيق وفي شدة وفي قلة يد وفي قلة مال، لكنهم مؤمنون متقون؛ فاعلم
أن حالهم سيتغير عما قريب.
فينقلهم الله من هذه الحالة الضيقة إلى الحالة الواسعة، ينقلهم الله من هذا التعب إلى الراحة الدائمة، ينقلهم الله سبحانه وتعالى من هذه الدنيا وأنكادها وأتعابها، ينقلهم إلى الخلود في جنات النعيم، والكرامة التي لا تنقطع.