إذا
رأى الكفار المؤمنين قالوا: ﴿إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ لَضَآلُّونَ﴾
[المطففين: 32]، يعنون المؤمنين، أنهم ضالون مخطئون؛ لأنهم لم ينظروا إلى الدنيا
التي هُمْ فيها، وإنما ينظرون إلى دار أخرى، فهم ضالون، يعني مخطئون للصواب؛ لأنهم
ضيعوا ما هم فيه من الدنيا رجاء الآخرة. هذا في نظرهم ضلال.
الله
سبحانه وتعالى زَيَّن لهم الدنيا وغرَّهم بها؛ لأنهم كفروا بالله وكفروا بالدار
الآخرة، فعاقبهم الله عز وجل بأنهم انحرموا من الآخرة، وسيُحْرَمون من الدنيا عما
قريب.
قال
تعالى: ﴿فَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا
يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَتَزۡهَقَ
أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ﴾ [التوبة:
55].
ويسخرون
من الذين آمنوا، ويرون أنفسهم أرفع من المؤمنين، وأن المؤمنين في الدرجة السفلى،
وأن الكفار أعلى منهم منزلةً وعقولاً وإدراكًا... إلى غير ذلك.
ثم
بَيَّن الله سبحانه ما يكون من عاقبة الفريقين، وأن الأمر سينعكس عما قريب،
فيصبح المؤمنون يسخرون من الذين كفروا: ﴿فَٱلۡيَوۡمَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنَ ٱلۡكُفَّارِ يَضۡحَكُونَ ٣٤ عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ ٣٥ هَلۡ ثُوِّبَ ٱلۡكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ﴾ [المطففين: 34-36]، ينظرون إلى أعدائهم في الجحيم
ويقولون: هذه عاقبة هؤلاء الذين آذَونا في الدنيا، وتَنَقَّصُونا في الدنيا.
وهنا
يقول جل وعلا: ﴿وَٱلَّذِينَ
ٱتَّقَوۡاْ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ﴾
[البقرة: 212]، الذين اتقوا: أي الذين اتقوا عذاب الله، واتقوا الدار الآخرة
بالأعمال الصالحة، هم المؤمنون.
﴿وَيَسۡخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۘ وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ﴾ [البقرة: 212]، وصفهم الله