×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

بالله؛ لأن أول مَن غَيَّر دين إبراهيم عليه السلام، وأول مَن سَيَّب السوائب  ([1])، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم في النار يجر أمعاءه والعياذ بالله.

فحَدَث الشرك، ثم بَعَث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم في أرض الحجاز، فدعا إلى التوحيد، ودعا إلى ملة إبراهيم عليه السلام التي تركوها وانحرفوا عنها.

فالله جل وعلا أعاد بمحمد صلى الله عليه وسلم عقيدة التوحيد، التي هي ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

وانتشر الإسلام والتوحيد ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم.

وبَقِي التوحيد ظاهرًا في عصر الخلفاء الراشدين، في قرن النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء من بعده، في القرون المفضلة، والتوحيد ظاهر، والعقيدة صافية.

حتى جاء ما بعد القرون المفضلة الأربعة، حينئذٍ لما بُنيت المساجد والمشاهد على القبور في بلاد المسلمين، على قبور الصالحين، لما بُنيت.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم حَذَّر منها، فقال: «أَلاَ وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ»  ([2]).

وقال وهو في سياق الموت: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»  ([3]).

فالنبي صلى الله عليه وسلم حَذَّر من الغلو في الصالحين، وبناء المساجد على قبورهم؛ سَدًّا لذريعة الشرك. لكن ما قَدَّره الله فسوف يكون!!


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3521)، ومسلم رقم (2856).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (532).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (435)، ومسلم رقم (531).