لها،
ويستعدون لها؛ لأن الله جعل هذه الدنيا مزرعة للآخرة، يستعد فيها المؤمن
بالأعمال الصالحة، فيتزود من الأعمال الصالحة؛ لأن دار الدنيا هي دار العمل، وليس
فيها حساب، ودار الآخرة حساب بلا عمل. ليس في الآخرة عمل، وإنما فيها حساب وجزاء
على ما عَمِل الإنسان في هذه الدنيا.
فالمؤمن
لا يغتر بهذه الدنيا؛ لأنها زائلة عما قريب، ولأنه منتقل منها إلى غيرها، فهو
يستعد لنقلته ولسفره، فيستفيد من دنياه، ويستفيد من آخرته.
هذا
هو المؤمن. أما الكافر فإنه على العكس، ينظر إلى
الدنيا فقط، ويسعى لها، ولا ينظر إلى الآخرة؛ لأنه لا يؤمن بها، لا يؤمن بالبعث
والنشور، ولا يؤمن بالجنة والنار، فليس له هَمٌّ إلا هذه الدنيا، فينظر إلى
زهرتها، وينظر إلى زينتها، وينسى أنها تزول، أو أنه يزول هو عنها، ينسى هذا؛ فيصبح
همه هذه الدنيا، يسعى لها ويَجمع لها ويتعب لها ويشقى لها، فيخسر الدنيا والآخرة،
والعياذ بالله، خَسِر الدنيا لأنها لا تبقى له، وخَسِر الآخرة لأنه لم يعمل لها.
هذا هو الكافر الذي زُيِّنت له هذه الدنيا.
أما
المؤمن فإنه ربح دنياه وربح آخرته، عَرَف أن الدنيا دار عمل
واستعداد وتَزَوُّد، فأَخَذ منها زاده للآخرة، فربح الدنيا والآخرة.
الكافر بالعكس، خسر الدنيا والآخرة، والعياذ بالله ﴿ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ﴾ [الزمر: 15]، حتى لو أنه جَمَع الدنيا كلها بحذافيرها، لو جَمَع المُلْك والسلطان والمال، وجَمَع كل ما في الدنيا فإنه خاسر؛ لأن الدنيا ليست له، إنما هي معبر وممر ومزرعة، فيخرج منها بدون عمل،