×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

فيجازيكم عليه أحسن الجزاء.

ثم قال جل وعلا: ﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ [البقرة: 216]، كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة ممنوعين من القتال؛ لأنهم مستضعفون. ولو قاتلوا في مكة لدهمهم الكفار وأبادوهم عن آخرهم؛ لأنهم أقوى منهم، والمسلمون ليس لهم سلطة في مكة، فكانوا منهيين عن القتال ومأمورين بكف أيديهم، ومأمورين بالصبر على أذى الكفار.

فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، وصار لهم دار وإخوان وشوكة ومَنَعة؛ فَرَض الله عليهم القتال في سبيل الله عز وجل؛ لنصرة دينه وإعلاء كلمته ودفع أذى الكفار.

ومعنى قوله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ: أي: فُرِض عليكم القتال.

فالجهاد في سبيل الله فَرْض على المسلمين، تارة يكون فرض عين، وتارة يكون فرض كفاية.

فهو فرض على المسلمين لا يجوز لهم أن يتركوه وهم يستطيعونه، لا يجوز للمسلمين أن يتركوا جهاد الكفار وهم يستطيعون.

أما إذا كانوا لا يستطيعون، فإنهم ينتظرون إلى أن يستطيعوا، لكن يُعِدوا العدة ويهيئوا أنفسهم ولا يتكاسلوا، بل عليهم أن يَسْعَوا في تقوية أنفسهم وإعداد العُدة لقتال عدوهم، يبذلون الأسباب.

فالجهاد في سبيل الله لا بد منه، والجهاد هو ذروة سنام الإسلام، كما قال صلى الله عليه وسلم: «رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ»  ([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (22016)، والترمذي رقم (2616).