﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ
كُرۡهٞ لَّكُمۡۖ﴾ [البقرة:
216]، تكرهه النفوس لما فيه من المشقة العظيمة، هو أشق العبادات لما فيه من القتل،
ولما فيه من الجراح، ولما فيه من إنفاق الأموال. فهو شاق على النفوس، وتكرهه
النفوس كراهية طبيعية، لا كراهية دينية. أما الذي يكره الجهاد كراهية دينية فهذا
يرتد عن دين الإسلام. لكن الذي يكرهه كراهية طبيعية فقط، فهذا لا يكفر ولكنه ملوم،
يلام على هذا. المسلم لا يكره الجهاد في سبيل الله. والجهاد هو عزُّ الإسلام
والمسلمين، والمجاهد له إحدى الحسنيين: إما الشهادة، وإما النصر والظفر والغنيمة.
فالجهاد
خير للمسلمين يكف شر أعدائهم، ويمحو الكفر من الأرض، وينشر الإسلام. فهو خير.
﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن
تَكۡرَهُواْ شَيۡٔٗا وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيۡٔٗا وَهُوَ شَرّٞ لَّكُمۡۚ﴾
[البقرة: 216].
ليست
العبرة بما تكرهه النفوس أو تحبه النفوس، العبرة بالعواقب والنتائج، فقد تكرهون
شيئًا ونتيجته طيبة، وقد تحبون شيئًا ونتيجته سيئة.
فليست
المقاييس برغبات النفوس، وإنما المقاييس بعواقب الأمور ونتائج الأحوال، هذا هو
العبرة.
القتال عواقبه حميدة، هو شاق ومكروه للنفوس، لكن عواقبه حميدة طيبة في الدنيا وفي الآخرة: في الدنيا يعتز به الإسلام والمسلمون. وفي الآخرة بالجنة، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ» ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7423).