×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

الآخرة فقط، كلٌّ يحب الجنة بلا شك، كلٌّ يحب أن يدخل الجنة؛ ولكن الجنة لها ثمن.

﴿إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ [التوبة: 111].

فالجنة لها ثمن، لا تحصل بدون ثمن وبدون تعب.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ»، يعني: حاسب نفسه، «وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ»  ([1]). هذا عاجز، يريد أن يدخل الجنة بدون عمل؟! بسبب العجز والكسل، ما يمكن هذا.

النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ أَبَى»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى»  ([2]).

وهنا يقول الله جل وعلا: ﴿أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَأۡتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِكُمۖ [البقرة: 214]، «لَمَّا» حرف نفي للمستقبل ﴿يَأۡتِكُم: أي: يحصل لكم، ﴿مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِكُمۖ [البقرة: 214] أي: مثلما حصل لمن سبقكم من الرسل وأتباعهم، لا بد أن يحصل لكم ما حصل لإخوانكم من المؤمنين السابقين.


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2459)، وابن ماجه رقم (4260)، وأحمد رقم (17123)، والحاكم رقم (191).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (7280).