وحتى
الرسل - عليهم الصلاة والسلام - يحصل لهم مشقة وامتحان وتعب، وأشدهم في ذلك نبينا
صلى الله عليه وسلم.
﴿أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَأۡتِكُم
مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِكُمۖ﴾
[البقرة: 214]، أي: مَثَل إخوانكم الذين مَضَوا من قبلكم. هذا لا يمكن.
سُنة
الله جل وعلا لا تتغير أبدًا في الأولين ولا في الآخرين.
ما
هو الذي حصل للذين من قبلهم؟
بَيَّنه
الله بقوله: ﴿مَّسَّتۡهُمُ ٱلۡبَأۡسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلۡزِلُواْ﴾ [البقرة: 214]، ﴿مَّسَّتۡهُمُ﴾
أي: أصابتهم، «البأساء»: من البؤس، وهو الجوع والفقر والحاجة. مسهم الجوع ومسهم
الفقر والحاجة ابتلاءً وامتحانًا من الله سبحانه وتعالى. ولو كانت الدنيا رغدًا
لكل الناس، ما تميز المؤمن من الكافر والمنافق.
لكن
الله سبحانه يُجْرِي الامتحان حتى يتبين المؤمن الصادق في إيمانه من المنافق
المدَّعي للإيمان.
﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ
لَا يُفۡتَنُونَ ٢ وَلَقَدۡ
فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ
وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ﴾
[العنكبوت: 2- 3].
﴿مَّسَّتۡهُمُ ٱلۡبَأۡسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ﴾
[البقرة: 214]، «الضراء»: من الضُّر، وهو الألم، يصيبهم القتل في سبيل الله،
يصيبهم المرض، تصيبهم الجراح، تصيبهم الآلام في سبيل الله عز وجل.
﴿وَزُلۡزِلُواْ﴾،
يعني: خُوِّفوا وأُفْزِعوا.
فإن
المؤمنين يُخوَّفون من أعدائهم تخويفًا شديدًا، ولكنهم يَثبتون ولا يتزحزحون عن
إيمانهم مهما بلغ التهديد والوعيد من الكفار.
هذا شيء قديم، أن الكفار يضايقون أهل الإيمان، ويتوعدونهم