﴿حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصۡرُ ٱللَّهِۗ﴾
[البقرة: 214]، يسألون: متى يحصل النصر حتى يخرجوا من هذه الأزمات. وليس معنى ذلك
أنهم قَنَطوا من النصر أو أَيِسوا من النصر، وإنما يطلبون النصر من الله سبحانه
تعالى.
﴿مَتَىٰ نَصۡرُ ٱللَّهِۗ﴾،
يقول الله جل وعلا: ﴿أَلَآ
إِنَّ نَصۡرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ﴾
[البقرة: 214]، إذا ضاق الأمر واشتد فإن النصر قريب، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن
الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا.
﴿أَلَآ إِنَّ نَصۡرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ﴾
فهذا فيه وعد من الله جل وعلا أنه ينصر عباده المؤمنين إذا اشتد بهم الكرب؛ حتى لا
يقنطوا من النصر، وحتى يعلموا أنه وإن اشتد عليهم الضيق والكرب، فإن نصر الله
مضمون، ولكن الله يؤخِّره لحكمة ليبتلي عباده، ثم إنه ينزل نصره سبحانه وتعالى
لعباده المؤمنين، ﴿أَلَآ
إِنَّ نَصۡرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ﴾.
ثم
قال جل وعلا ﴿يَسَۡٔلُونَكَ
مَاذَا يُنفِقُونَۖ﴾ [البقرة:
215]، المسلمون يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يحتاجون إليه من أمور
دينهم. وهذا هو الواجب، أن الجهال يسألون العلماء، في كل ما أشكل عليهم. فالصحابة
يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك المؤمنون في كل زمان يسألون العلماء؛
لأن العلماء ورثة الأنبياء، والله جل وعلا يقول: ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43].
﴿يَسَۡٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَۖ﴾
[البقرة: 215]، الله جل وعلا شرع الإنفاق، إنفاق الأموال في طاعة الله سبحانه
وتعالى، قال تعالى: ﴿وَأَنفِقُواْ
فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا تُلۡقُواْ بِأَيۡدِيكُمۡ إِلَى ٱلتَّهۡلُكَةِ﴾ [البقرة: 195].
الله أَمَر بالإنفاق، فالصحابة يسألون: ماذا ينفقون؟ ما هو المقدار