×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

رجعت له أعماله الصالحة ويثاب عليها. وذلك من فضل الله سبحانه وتعالى.

لما حصلت هذه الواقعة اشتد الأمر على هؤلاء الصحابة، أصحاب السَّرِيَّة، اشتد عليهم الأمر، وعَرَفوا أنهم وقعوا في خطأ؛ حيث قتلوا في الشهر الحرام، والناس صاروا يتكلمون فيهم، اشتد عليهم الأمر!!

وهكذا المؤمن، إذا وقعت منه خطيئة، فإنه يتضايق منها. هذا هو المؤمن. أما المنافق فلا يهمه.

وهؤلاء الصحابة لما وقع منهم هذا الخطأ، تضايقوا حتى فَرَّج الله عنهم في قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ يَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ [لبقرة: 218] ففَرَّج الله عنهم بهذه الآية الكريمة.

وهي لهم ولغيرهم ممن وقع في خطيئة، ثم ندم وتاب منها، فإن الله جل وعلا يتوب عليه.

﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ: الإيمان هو الأصل والأساس الذي تُبنى عليه الأعمال؛ لذلك بدأ الله به.

﴿وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ [لبقرة: 218] لأن الذين وقعت منهم هذه الخطيئة من المهاجرين، كلهم من المهاجرين في سبيل الله. والهجرة هي الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام فرارًا بالدين، وهو الذي حصل لأصحاب هذه السرية؛ لأنهم من المهاجرين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة فرارًا بدينهم. والهجرة لها ثواب عظيم، قرينة الجهاد.

الثالثة: ﴿وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ [لبقرة: 218] جَاهَدوا الكفار في سبيل الله، وقَدَّموا أنفسهم للجهاد وصبروا على القتل والجراح.

الهجرة فارقوا فيها الأموال والأولاد، وذهبوا إلى المدينة ليس معهم شيء بل فرارًا بدينهم، ليس معهم شيء إلا دينهم فقط. تركوا أموالهم


الشرح