×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

ودلَّت الآية على أن رجاء رحمة الله لا بد معه من عمل. أما الذي يرجو رحمة الله ولا يعمل، فهذا في الحقيقة يُمَنِّي نفسه الأماني، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ»  ([1]).

فالذي يترك الطاعات ويرتكب المعاصي، ومع هذا يقول: أنا أرجو رحمة الله. الرحمة لها أسباب، أنت ما فعلت الأسباب، إذا كنت ترجو رحمة الله فافعل الأسباب لرحمة الله سبحانه وتعالى، أنت مُعَرِّض نفسك لسخط الله، إلا أن تتوب إلى الله عز وجل وتعمل الأعمال الصالحة، حينئذٍ ترجو رحمة الله.

فالرجاء له أسباب يفعلها المسلم، أما أنه يرجو رحمة الله، ولا يصلي ولا يصوم ويرتكب المعاصي، ويقول: رحمة الله واسعة!!

نعم، رحمة الله واسعة، ولكن عقابه شديد، الله عز وجل يقول: ﴿وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبۡلَ ٱلۡحَسَنَةِ وَقَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِمُ ٱلۡمَثُلَٰتُۗ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةٖ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلۡمِهِمۡۖ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ [الرعد: 6].

﴿غَافِرِ ٱلذَّنۢبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوۡبِ شَدِيدِ ٱلۡعِقَابِ ذِي ٱلطَّوۡلِۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ إِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ [غافر: 3].

فلا تنسَ أنه شديد العقاب، إذا أَمَّلْتَ رحمة الله فلا تنسَ عقاب الله عز وجل، فلا بد أن تعمل الطاعات وترجو رحمة الله، وتجتنب المعاصي وتخاف من عقاب الله عز وجل.


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2459)، وابن ماجه رقم (4260)، وأحمد رقم (17123)، والحاكم رقم (191).