هذا
الخطأ اشتد على المسلمين وفرح به المشركون، وصاروا
يتندرون به، ويقولون: إن المسلمين استحلوا الشهر الحرام فقاتلوا فيه.
فسألوا
النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله هذه الآية ﴿يَسَۡٔلُونَكَ عَنِ
ٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ﴾ [البقرة:
217]، أي: شهر رجب، و ﴿قِتَالٖ فِيهِۖ﴾ [البقرة:
217]، «قتال» بدل عن الشهر، وبدل المجرور مجرور، أي: يسألونك عن القتال في الشهر
الحرام ما حكمه؟
فأجاب
الله بقوله: ﴿قُلۡ قِتَالٞ فِيهِ كَبِيرٞۚ﴾
[البقرة: 217] يعني: محرم.
فالذي
يحصل من المسلمين فعل محرم، لكنهم لم يتعمدوا هذا، ﴿قُلۡ قِتَالٞ فِيهِ كَبِيرٞۚ﴾:
أي: شديد الإثم. وهذا من الاعتراف بالخطأ، الاعتراف بالخطأ فضيلة، الإنسان إذا
أخطأ يعترف بخطئه ويتوب إلى الله عز وجل، والإنسان ليس معصومًا إلا من عصمه الله
سبحانه وتعالى ﴿قُلۡ
قِتَالٞ فِيهِ كَبِيرٞۚ﴾.
ثم
إنه سبحانه بَيَّن أن عند المشركين من المعايب ما هو أكثر منه وأعظم مما وقع من
المسلمين في هذا الخطأ، فكيف تعيرون المسلمين بخطأ واحد لم
يتعمدوه، وأنتم عندكم عيوب كثيرة تتعمدونها؟!
فهم
بمنزلة من يرى القذاة في عين غيره، ولا يرى الجذع في عينه.
وهذا
شأن أصحاب الهوى دائمًا وأبدًا، فهم يتلمسون العثرات على الطيبين، ويَنْسَون
العورات التي عندهم؛ لأنهم أصحاب هوى.
قال تعالى: ﴿وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ [البقرة: 217]، هذا أول المعائب التي عند المشركين؛ أنهم يصدون الناس عن الدخول في الإسلام. وهذا أكبر العيوب، أنهم يمنعون الناس من الدخول في الإسلام، في دين الله عز وجل، يؤذون الناس ويضايقونهم من أجل ألا يدخلوا في دين الله ولا يطيعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.