×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

الله بَيَّن عداوة الكفار للمسلمين، وبَيَّن لنا ما يبيتونه في قلوبهم من العداوة، وإن أظهروا الصداقة والمحالفة، فنحن نكون منهم على حذر، ولا نثق بهم أبدًا، وإن تعاهدنا معهم وتعاملنا معهم فنعتبرهم أعداءً، يتربصون بنا الدوائر، نأخذ حذرنا منهم دائمًا وأبدًا.

        كل العداوة قد ترجى مودتها          إلا عداوة من عاداك في الدين

الذي يعاديك في الدين هذا لا يمكن أن يودك بقلبه وإن أظهر بلسانه، إلا عداوة من عاداك في الدين.

﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمۡ عَن دِينِكُمۡ [البقرة: 217] يردوكم عن دينكم إلى أي شيء؟ لأن ما بعد الإسلام إلا الكفر، وليس بعد الحق إلا الضلال.

﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمۡ عَن دِينِكُمۡ إِنِ ٱسۡتَطَٰعُواْۚ [البقرة: 217]

هذه بشرى من الله، أنهم لن يستطيعوا صرف المسلمين عن دينهم، يعني: لا يصرفون المسلمين كلهم عن الدين، وقد يصرفون بعضهم أو كثيرًا منهم، لكن يصرفون المسلمين جميعًا عن الدين فلا، الله جل وعلا يأبى ذلك، يأبى إلا أن يبقى هذا الدين إلى أن يأتي أمر الله سبحانه وتعالى.

مهما حصل عليه من المحن والزلازل فإن هذا الدين سيبقى، وسيبقى

عليه جماعة يتمسكون به، كما قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى»  ([1]).

وهنا قال: ﴿إِنِ ٱسۡتَطَٰعُواْۚ فدل على أنهم لن يستطيعوا بإذن الله أن يحولوا كل المسلمين عن دينهم، وأن يقضوا على الإسلام نهائيًّا.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1920).