×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

السؤال الثاني: ثم قال جل وعلا: ﴿وَيَسۡ‍َٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَۖ [البقرة: 219] الله جل وعلا أَمَر بالصدقة، فالصحابة رضي الله عنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم: من أين يتصدقون؟ هل يتصدقون بأموالهم كلها ويَبقَون بلا مال، أو يتصدقون ببعضها ولا يضيقون على أنفسهم؟

الله جل وعلا أجاب عن ذلك فقال: ﴿وَيَسۡ‍َٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَۖ قُلِ ٱلۡعَفۡوَۗ [البقرة: 219] يعني: الفاضل عن حاجاتكم وكفاياتكم تتصدقون منه، مما فضل وزاد. أما ما تحتاجون إليه، أو يَحتاج إليه مَن تمونونهم من الوالدين، والذرية، والزوجة، والأقارب، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ، ثُمَّ بِمَنْ تَعُول»  ([1]).

لا تتصدق إلا بما زاد عن كفايتك، وكفاية من تنفق عليه ممن هم تحت يدك من أقاربك.

وإذا بقي شيء فإنك تتصدق منه، وإذا لم يَبْقَ شيء فليس عليك حرج في ترك الصدقة.

﴿قُلِ ٱلۡعَفۡوَۗ، يعني: الزائد عن حاجاتكم وضرورياتكم.

ثم قال جل وعلا: ﴿كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ [البقرة: 219] أي: يفسر لكم الآيات ويوضحها، ينزل الآيات ثم إنه يبين معناها، ويوضح مقصودها لعباده، ولا يتركها مجملة أو غامضة المعنى، هذا من رحمته سبحانه وتعالى.

﴿يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ [البقرة: 219] أي: يوضح لكم معناها ومطلوبها، ويبين لكم الأحكام الشرعية، يبين لكم الحلال والحرام، يبين لكم الواجب والمستحب. فالله جل وعلا يبين الأحكام لعباده، والرسول صلى الله عليه وسلم يبين كما عَلَّمه الله سبحانه وتعالى.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1427)، ومسلم رقم (1034).