×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

هذا من رحمته سبحانه وتعالى، أنه لا يترك العباد في التباس، لا يدرون ما معنى الآيات أو معنى الأحاديث، بل إنه يبينها ويوضحها.

ومن جملة ذلك أنه أجابهم عن سؤالهم عن الخمر والميسر، وأجابهم عن ﴿مَاذَا يُنفِقُونَۖ [البقرة: 219] ذا من جملة ما يبينه الله سبحانه وتعالى لعباده رحمة بهم وإحسانًا إليهم.

ثم قال: ﴿لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ [البقرة: 219] رجاء أن تتفكروا في آيات الله، فالتفكر في آيات الله هو التدبر.

فالمسلم يتدبر القرآن ويتفهم القرآن، ولا يكتفي بقراءة الآيات، وإمرار السور، وختم القرآن، دون أن يتفهم، دون أن يتدبر، قال الله سبحانه: ﴿كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ [ص: 29].وقال سبحانه: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ [محمد: 24].

فالواجب على المسلم أن يقرأ القرآن، ويتدبر القرآن، ويسأل عن معانيه وتفسيره، ويراجع الكتب المعتمدة؛ من أجل أن يعرف معنى الآيات التي يقرؤها؛ لأجل أن يعمل بها؛ لأنه إذا لم يعرف معناها فإنه لا يمكن أن يعمل بها.

﴿كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ [البقرة: 219] أي رجاء أن تتفكروا. وتتفكروا أيضًا في الدنيا وفي أحوال الآخرة، ما يكون الإنسان بهيمة، هَمُّه الأكل والشرب، بل يفكر في الدنيا، يفكر في حياته وسرعة انتقاله، يفكر لماذا خُلِق في هذه الدنيا؟ وأنه لم يُخْلَق عبثًا، يفكر في الدنيا لماذا خُلقت؟ ولماذا وُجد فيها هو؟ وبماذا أُمِر؟ حتى يستفيد من حياته في هذه الدنيا؛ لأن الدنيا مزارع الآخرة،


الشرح