طعامهم،
ولا يخلطونه بطعامهم؛ خوفًا من هذا الوعيد، حتى إن طعام اليتيم إذا بقي مدة فسد.
فحصل
بذلك الضرر والمشقة على المسلمين، فجاءوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم ما هو
المخرج من هذه الأزمة مع الأيتام، والسلامة مع هذا الوعيد الشديد مع الأيتام،
وأنهم صاروا يعزلون طعامهم على حدة فيفسد ويتغير، شق ذلك عليهم؟
فأنزل
الله سبحانه وتعالى: ﴿قُلۡ
إِصۡلَاحٞ لَّهُمۡ خَيۡرٞۖ﴾
[البقرة: 220]
كونكم
تحافظون على أموالهم وتتجنبوا أكل شيء منها - هذا إصلاح، وهو خير ومطلوب.
وإذا
عزلتم طعامهم عن طعامكم خوفًا من أكل شيء من طعامهم، فهذا خير، يدل على الورع،
ويدل على التقوى، ويدل على الاحتياط
والابتعاد
عن الحرام. فما تعملونه خير، ولكن لا مانع من المخالطة، لا مانع أن تخلطوا طعامكم
بطعامهم وتأكلون جميعًا.
فرفع
الله الحرج والمشقة، فأباح أن يخلط طعام الأيتام مع طعام الأولياء، وأن يأكلوا
جميعًا، ﴿وَإِن
تُخَالِطُوهُمۡ فَإِخۡوَٰنُكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ ٱلۡمُفۡسِدَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِۚ﴾ [البقرة: 220] الله جل وعلا هو الذي يعلم المفسد - الذي
يتلاعب بأموال الأيتام وإن كان يعزل طعامهم، قد يعزل طعامهم لكنه يُفسد أموالهم -
من المصلح الذي يخلط طعامه مع طعامهم ويأكل معهم ويحفظ أموالهم.
الله
سبحانه وتعالى هو الذي يعلم، يعلم ما في قلوبكم، ويعلم نياتكم ومقاصدكم، ويعلم
تصرفكم.
فالمدار على النية والقصد والعزم، لا على الأفعال الظاهرة، الله إنما ينظر إلى ما في القلوب وما في النيات.