كان من عصير العنب، أو من
التمر، أو من الشعير، أو من سائر الأشياء، فكل شراب يسكر فإنه حرام، وهو خمر من أي
مادة كان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ
حَرَامٌ» ([1])،
ولقوله عليه الصلاة والسلام: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»
([2]).
هذا
هو الخمر، هو الذي يُسْكِر ويغطي العقل، فيصبح الإنسان بمنزلة المجنون، لا يدري عن
شيء، ويتصرف تصرف المجانين، قد يَقتل، وقد يفعل الفاحشة بأُمِّه أو بأخته أو بمن
حضره، وقد يفعل الأفعال التي لا تَصدر من الإنسان السوي، بل قد لا تصدر من
الحيوانات، فيكون أحط من الحيوانات.
لأن
الله خَلَق العقل في الإنسان، ورَكَّبه فيه ومَيَّزه به على سائر المخلوقات؛ من
أجل أن يميز بين الضار والنافع، وبين الخير والشر؛ ومن أجل أن يحجزه عن الأخلاق
الذميمة والأفعال الوخيمة؛ ولهذا سُمِّي بالعقل؛ لأنه يَعقل الإنسانَ كالِعقال
الذي يَعْقِل البعير.
فهذا
العقل نعمة من الله سبحانه وتعالى على هذا الإنسان، فحَرَّم الله عليه أن يجني على
عقله، وأن يتعاطى ما يُخِل بعقله؛ لأن دين الإسلام جاء بحفظ الضروريات الخمس:
أولها:
الدين، هذا من الضروريات، حِفْظه من أعظم الضروريات.
ولهذا شَرَع الله حدَّ الردة؛ لأن المرتد يُقتل، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ([3])، وقال عليه الصلاة والسلام: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2003).