×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

أو لاعبًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلاَقُ، وَالْعِتاقُ» ([1]).

فهذه الثلاث - النكاح والطلاق والعتق - ليس فيها لعب ولا مزح. فمَن طَلَّق وقع عليه الطلاق، جادًّا أو هازلاً. ومَن عَقَد عَقْد النكاح صح العقد، سواء كان جادًّا أو هازلاً. ومَن أَعتق مملوكه عتق، ولو كان مازحًا. لأن هذه أحكام شرعية، لا يجوز أن يستعملها للعب والهزو والمزح وغير ذلك.

﴿وَلَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُوٗاۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ [البقرة: 231] اذكروها بالشكر، ونعم الله كثيرة ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ [النحل: 18]، وهي نعم ظاهرة وباطنة، ومنها نعمة الأحكام الشرعية التي شرعها الله لمصالحكم، ومنافعكم فهي من أكبر النعم.

المال نعمة، ولكن الدِّين نعمة أكبر من نعمة المال. ونعمة الأحكام الشرعية التي تبين الحلال والحرام - من أكبر النعم.

والله عز وجل أَمَر بذكر نعمته ﴿وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ [البقرة: 231] يعني: اشكروها.

والشكر يكون باللسان ﴿وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ [الضحى: 11].

ويكون بالقلب، بأن تعتقد أن هذه النعم من الله وليست بكدك ولا بكسبك، وإنما هي فضل من الله سبحانه وتعالى، ليست بجهدك وكدك، وإنما الكد والكسب سبب من الأسباب. أما حصول النعمة فإنها فضل من الله سبحانه وتعالى. فتعرف بقلبك أن هذه النعمة تَفَضُّل من الله عليك ليست بكدك، ولا بكسبك.


الشرح

([1])  أخرجه: ابن أبي شيبة رقم (18402)، وسعيد بن منصور رقم (1604).