ويكون
الشكر أيضًا بالعمل, ﴿ٱعۡمَلُوٓاْ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرٗاۚ﴾ [سبأ: 13] وذلك بأن تستعمل
النعم في طاعة الله، تستعين بها على عبادة الله، تستعين بالمال على عبادة الله،
تنفق منه في سبيل الله، تستعين بالعلم على عبادة الله والأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر، والدعوة إلى الله وتعليم الناس، وتستعين بالجاه في الشفاعة للمحتاجين،
ومساعدتهم في قضاء حوائجهم عند من هي عنده. هذا من شكر النعم.
إذا
أنعم الله عليك بنعمة فاستعملها في طاعة الله ونفع المسلمين. ولا تستعملها في
معصية الله عز وجل، والتكبر على الناس والمَنّ على الناس. بل استعملها في عبادة
الله سبحانه وطاعته.
فأركان
الشكر ثلاثة: التحدث بها ظاهرًا. والاعتراف بها باطنًا.
وصَرْفها في طاعة الله سبحانه وتعالى. هذه أركان الشكر، ولا يتم الشكر لله إلا
بهذه الأركان الثلاثة.
﴿وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيۡكُم
مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡحِكۡمَةِ﴾
[البقرة: 231] من أكبر النعم على عباد الله: ما أَنْزَل الله على رسوله صلى الله
عليه وسلم من الكتاب الذي هو القرآن الكريم، والحكمة التي هي السُّنة سنة الرسول
صلى الله عليه وسلم، وهي الأحاديث الصحيحة التي يبين فيها رسول الله صلى الله عليه
وسلم هذا الكتاب، ويفسره للناس. فهذا من أعظم النعم.
وفي
هذا دليل على الاحتجاج بسُنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنها هي الوحي الثاني
بعد القرآن الكريم.
قال تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ ٣ إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ﴾ [النجم: 3- 4]، وقال تعالى: ﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ﴾ [الحشر: 7] وقال سبحانه وتعالى: ﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا﴾ [الأحزاب: 21].