أو
الدابة - إنما يُدر من الغذاء، فالمرضعة تحتاج إلى نفقة، ونفقة الولد على والده؛
فذلك أوجب الله على والد الطفل أن ينفق على المرضعة، سواء كانت في عصمته أو كانت
مطلقة منه أو كانت أجنبية، كما سيأتي؛ لأن هذا تابع للنفقة؛ لأن نفقة الطفل الصغير
على والده، سواء كان رضيعًا أو كان مفطومًا إلى أن يكبر ويستغني بكسبه عن والده ﴿وَعَلَى ٱلۡمَوۡلُودِ لَهُۥ
رِزۡقُهُنَّ وَكِسۡوَتُهُنَّ﴾
[البقرة: 233].
ثم
قال: ﴿بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ﴾ [البقرة: 233] يُرْجَع في تقدير النفقة وتقدير الكسوة
إلى المتعارف بين الناس. والله عز وجل لم يحدِّد نفقة المرضعة ولا كسوة المرضعة؛
لأن هذا يختلف باختلاف الأحوال، واختلاف الأوقات، واختلاف البلدان، فيُرجَع فيه
إلى العرف بين الناس،﴿بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ﴾أي: بالمتعارف بين الناس.
ثم
قال عز وجل: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفۡسٌ إِلَّا وُسۡعَهَاۚ﴾
[الأعراف: 42] إذا كان الوالد غنيًّا، ينفق نفقة الغني. وإذا كان الوالد فقيرًا،
ينفق نفقة الفقير. وإذا كان الوالد متوسط الحال، ينفق نفقة متوسط الحال. فالفقير
لا يُكلَّف بنفقة الغني؛ لأنه لا يطيق ذلك. والغني لا يكفي منه أن ينفق نفقة
الفقير. فكلٌّ بحَسَب حاله، كما قال تعالى في الآية الأخرى: ﴿لِيُنفِقۡ ذُو سَعَةٖ مِّن
سَعَتِهِۦۖ وَمَن قُدِرَ﴾
[الطلاق: 7] يعني: ضُيِّق، ﴿وَمَن قُدِرَ عَلَيۡهِ رِزۡقُهُۥ﴾
[الطلاق: 7] يعني: ضُيِّق عليه رزقه ﴿فَلۡيُنفِقۡ مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُۚ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا
إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَاۚ سَيَجۡعَلُ ٱللَّهُ بَعۡدَ عُسۡرٖ يُسۡرٗا﴾ [الطلاق: 7].
وهذا من سماحة هذا الدين، وسماحة هذه الشريعة، أن الله عز وجل لا يكلف المسلمين إلا ما يستطيعون. في هذا وفي غيره. قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ﴾ [الحج: 78]، ﴿مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجۡعَلَ