×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

غيره. وفيه وجوب إخلاص النية لله. وفيه وجوب الخشية من الله والخوف من الله؛ لأن هذه أعمال قلبية، وهي من أنواع العبادة.

فيجب على المسلم أن يخشى الله ظاهرًا وباطنًا. أما الذي يُظهر خشية الله في الظاهر، ولكنه لا يخشاه في الباطن - فهذا منافق، هذا هو النفاق.

﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ فَٱحۡذَرُوهُۚ [البقرة: 235]، احذروا أن تضمروا نيات خبيثة، ونيات سيئة، فإنه إن خفي على الناس فإنه لا يخفى على الله سبحانه وتعالى.

فهذا فيه الحث على أن الإنسان يُصلح ما بينه وبين الله، ويُصلح نيته، ويراقب الله في تصرفاته، وأن يكون ظاهره وباطنه سواء، لا يختلف ظاهره عن باطنه. هذا هو المؤمن.

أما المنافق فبالعكس، يُظهر الإيمان ويُظهر الخوف والخشية من الله، ويتكلم بلسانه؛ لكنه في قلبه فاجر، لا يخاف الله ولا يخشاه. هذا هو المنافق والعياذ بالله.

ثم جل وعلا: ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٞ [البقرة: 235]. لمَّا قال: ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ فَٱحۡذَرُوهُۚ[البقرة: 235]، «فاحذروه» هذا وعيد شديد يُخوِّف الإنسان! الله جل وعلا خَفَّف هذا بقوله: ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٞ [البقرة: 235]، ﴿غَفُورٌ يغفر الذنوب فلا تقنطوا من رحمة الله سبحانه وتعالى، فإذا أضمرتم شيئًا أو تكلمتم بشيء لا يليق، فباب التوبة مفتوح، بادِروا بالتوبة، فمَن تاب تاب الله عليه، ومَن استغفر الله غفر الله له.

فهذا فيه فتح باب الرجاء للمسلم، وأنه لا يقنط من رحمة الله عز وجل.


الشرح