×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

وما هي الصلاة الوسطى هذه التي أوصى الله بها خصوصًا بعد الوصية بالصلوات عمومًا؟ ما هي؟

القول الصحيح الذي عليه أكثر أهل العلم: أنها صلاة العصر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في غزة الخندق: «شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى، صَلاَةِ الْعَصْرِ، مَلَأَ اللهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا» ([1])، صلاة العصر، انشغل صلى الله عليه وسلم بالقتال إلى أن غربت الشمس ولم يُصلُّوا العصر، فقال: «شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى، صَلاَةِ الْعَصْرِ، مَلَأَ اللهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا». فدلَّ على أنها الصلاة الوسطى.

فصلاة الظُّهر تُسمَّى الأولى، وصلاة العصر تُسمَّى الصلاة الوسطى؛ وذلك لمنزلة صلاة العصر وصلاة الفجر.

وقال الله جل وعلا في صلاة الفجر أيضًا: ﴿أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيۡلِ وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا [الإسراءَ: 78].

﴿قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ المقصود بها صلاة الفجر؛ لأنه يُطوَّل فيها قراءة القرآن.

قوله: ﴿كَانَ مَشۡهُودٗا [الإسراءَ: 78] يعني: تحضره ملائكة الليل وملائكة النهار الحفظة، الذين يتعاقبون فينا لإحصاء أعمالنا. فحفظة ينزلون بالليل، وحفظة ينزلون بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، يجتمعون، ملائكة الليل وملائكة النهار، الحفظة يجتمعون في هاتين الصلاتين ويحضرونهما مع المسلمين، ويسألهم الله جل وعلا إذا صَعِدوا إليه سبحانه: كيف تركتم عبادي؟ وهو أعلم سبحانه وتعالى، لكن يريد أن يستشهد الملائكة. كيف تركتم عبادي؟ قالوا: جئناهم وهم


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6396)، ومسلم رقم (627).