×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

 ﴿كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ [البقرة: 242]، «لكم» أيها المسلمون المؤمنون. أما الكافر والمُعْرِض، فهذا لا ينتفع بالقرآن ولا بالبيان. لكن الذي ينتفع هو المؤمن.

﴿كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ، ﴿لَعَلَّكُمۡ: أي: رجاء أن تفهموا القرآن وتعقلوا معانيه، وما يدل عليه.

فالقرآن يحتاج منا إلى عناية؛ لضبط قراءته وتلاوته، ولفهم معانيه، وللعمل بما أنزل الله عز وجل.

وإلا فماذا نستفيد من القرآن إذا كان المراد مجرد التلاوة والتجويد فقط، وتحسين الصوت والتغني به، بدون فَهْم لمعناه، أو فَهِمنا معناه ولكنا لا نعمل؟ ما الفائدة إذًا؟

ولهذا قال: ﴿لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ [البقرة: 242]، أي: تعقلون القرآن، وتفهمون ما أنزل الله إليكم؛ لأنه خطاب لكم من ربكم عز وجل، وهو حُجَّتكم عند الله يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: «وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ» ([1])، حجة لك إن عملت به، وحجة عليك إن لم تعمل به.

ثم قال جل وعلا: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَهُمۡ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحۡيَٰهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ [البقرة: 243].

﴿أَلَمۡ تَرَ: هذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم. و ﴿تَرَ: يعني: تَعْلَم. وليس المراد ترى بالبصر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يَرَ هؤلاء ببصره ولم يحضرهم. وإنما المراد الرؤية العِلْمية؛ لأن الله أعلمه أحوال الماضين وقصص السابقين، حتى كأنه حاضر عندهم.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (223).