×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، وبراهين رسالته عليه الصلاة والسلام، أنه يخبر عن الغيوب الماضية وعن الغيوب المستقبلة؛ لأن الله عَلَّمه وأطلعه على ذلك. فهذا من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم.

فمعنى قوله: ﴿أَلَمۡ تَرَ [البقرة: 243]: أي ألم تَعْلَم بما عَلَّمك الله سبحانه من أخبار الماضين.

﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ [البقرة: 243] هذا في بني إسرائيل - والله أعلم -، أُمَّة من بني إسرائيل خرجوا من ديارهم بسبب الطاعون والوباء الذي حصل في ديارهم، فخافوا من الموت فهربوا من ديارهم، يظنون أن فرارهم سينجيهم من الموت.

والموت مهما هربت منه، فإنه أمامك، ﴿قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ [الجمعة: 8].

فالله سبحانه يبعث الأجساد ويَرُد الأرواح إلى أجسادها بعدما تفنى، فالله لا يُعجزه شيء.

﴿ثُمَّ أَحۡيَٰهُمۡۚ [البقرة: 243]؛ لأجل الاعتبار، أن يعتبروا هم وغيرهم ممن عاصرهم وممن يأتي بعدهم، يعتبر بهذا.

ويُستدل بهذا على قدرة الله وعلى أنه قادر على البعث، على بعث الخلائق من قبورهم يوم القيامة.

فهذا نموذج من إحياء الله للموتى.

وقد ذكر الله في هذه السورة ثلاثة نماذج حصلت في الدنيا لإحياء الموتى:

النموذج الأول: في قصة البقرة، لما قُتِل قتيل في بني إسرائيل ولم


الشرح