يُعْلَم
قاتله، أَمَر الله موسى عليه السلام أن يقول لهم: اذبحوا بقرة. فتلكئوا عن ذبحها،
وجعلوا يسألون ويسألون، وفي النهاية لم يحصلوا على هذه البقرة إلا بمشقة؛ لأنهم
شددوا على أنفسهم؛ فشَدَّد الله عليهم. ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفۡعَلُونَ﴾
[البقرةَ: 71]؛ لأنهم لما شَدَّدوا شُدِّد عليهم. فلو أنهم امتثلوا الأمر وذبحوا
أية بقرة لأجزأت، لكن لما شَدَّدوا، شَدَّد الله عليهم في أوصاف هذه البقرة، حتى
شق عليهم العثور عليها. فلما عثروا عليها، ذبحوها وما كادوا يفعلون.
لماذا؟
ما المقصود من ذبح البقرة؟
﴿فَقُلۡنَا ٱضۡرِبُوهُ بِبَعۡضِهَاۚ﴾
[البقرة: 73]، خذوا جزءًا من البقرة واضربوا به القتيل، فيحيا بإذن الله. ﴿بِبَعۡضِهَاۚ﴾: أي: ببعض البقرة، ﴿كَذَٰلِكَ يُحۡيِ ٱللَّهُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ
لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ﴾
[البقرة: 73]. فلما ضربوه حَيِيَ، وقال: الذي قتلني هو فلان. أخبر بقاتله.
فهذا
نموذج من إحياء الله للموتى، رأوه بأعينهم، قتيل مقطوع الرأس، قتيل، لما ضربوه
بجزء من البقرة، عادت إليه روحه وأخبر بالذي قتله.
فهذا
نموذج من إحياء الله للموتى، رأوه بأعينهم، فكيف يَشُكُّون في البعث يوم القيامة؟!
هذا موضع.
الموضع
الثاني: هذه الآية: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَهُمۡ أُلُوفٌ
حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحۡيَٰهُمۡۚ﴾ [البقرة: 243].
هذا وقع في الدنيا، وليس هو نفرًا واحدًا، وإنما ألوف من الناس، قال لهم الله: ﴿مُوتُواْ﴾، فماتوا جميعًا في لحظة واحدة. ثم إن الله أحياهم جميعًا، وعادوا إلى الحياة يمشون ويأكلون ويشربون. فهل